سورة الحشر - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحشر)


        


{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (19)}
قوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ} أي تركوا أمره {فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ} أن يعلموا لها خيرا، قاله ابن حبان.
وقيل: نسوا حق الله فأنساهم حق أنفسهم، قاله سفيان.
وقيل: نَسُوا اللَّهَ بترك شكره وتعظيمه. فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ بالعذاب أن يذكر بعضهم بعضا، حكاه ابن عيسى.
وقال سهل بن عبد الله: {نَسُوا اللَّهَ} عند الذنوب {فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ} عند التوبة. ونسب تعالى الفعل إلى نفسه في فَأَنْساهُمْ إذ كان ذلك بسبب أمره ونهيه الذي تركوه.
وقيل: معناه وجدهم تاركين أمره ونهيه، كقولك: أحمدت الرجل إذا وجدته محمودا.
وقيل: {نَسُوا اللَّهَ} في الرخاء {فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ} في الشدائد. {أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ} قال ابن جبير: العاصون.
وقال ابن زيد: الكاذبون. واصل الفسق الخروج، أي الذين خرجوا عن طاعة الله.
قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ} أي في الفضل والرتبة {أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ} أي المقربون المكرمون.
وقيل: الناجون من النار. وقد مضى الكلام في معنى هذه الآية في المائدة عند قوله تعالى: {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} [المائدة: 100] وفي سورة السجدة عند قوله تعالى: {أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18].
وفي سورة ص: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28] فلا معنى للإعادة، والحمد لله.


{لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)}
21 قوله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً} حث على تأمل مواعظ القرآن وبين أنه لا عذر في ترك التدبر، فإنه لو خوطب بهذا القرآن الجبال مع تركيب العقل فيها لانقادت لمواعظه، ولرأيتها على صلابتها ورزانتها خاشعة متصدعة، أي متشققة من خشية الله. والخاشع: الذليل. والمتصدع: المتشقق.
وقيل: خاشِعاً لله بما كلفه من طاعته. مُتَصَدِّعاً من خشية الله أن يعصيه فيعاقبه.
وقيل: هو على وجه المثل للكفار. قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ} أي إنه لو أنزل هذا القرآن على جبل لخشع لوعده وتصدع لوعيده وأنتم أيها المقهورون بإعجازه لا ترغبون في وعده، ولا ترهبون من وعيده وقيل: الخطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي لو أنزلنا هذا القرآن يا محمد على جبل لما ثبت، وتصدع من نزوله عليه، وقد أنزلناه عليك وثبتناك له، فيكون ذلك امتنانا عليه أن ثبته لما لا تثبت له الجبال.
وقيل: إنه خطاب للامة، وأن الله تعالى لو أنذر بهذا القرآن الجبال لتصدعت من خشية الله. والإنسان أقل قوة وأكثر ثباتا، فهو يقوم بحقه إن أطاع، ويقدر على رده إن عصى، لأنه موعود بالثواب، ومزجور بالعقاب.


{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (22)}
قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ} قال ابن عباس: عالم السر والعلانية.
وقيل: ما كان وما يكون.
وقال سهل. عالم بالآخرة والدنيا.
وقيل: الْغَيْبِ ما لم يعلم العباد ولا عاينوه. وَالشَّهادَةِ ما علموا وشاهدوا. {هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ} تقدم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7